بعد استقالة الحكومة المصرية، وتعيين حكومة جديدة شكلها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء الجديد، وفى اللحظات الأخيرة قرر مدبولى تغيير وزير قطاع الأعمال حرصا على تطوير ثروة اقتصادية ضخمة تعد بالمليارات تمتلكها الدولة متمثلة فى مصانع استراتيجية مهمة مثل «الحديد والصلب والأدوية والأسمنت والأسمدة والسيارات والغزل والنسيج والصناعات المكملة» وغيرها من الصناعات الحيوية التى تنهض ليس فقط بالمصانع المملوكة للدولة، ولكن إذا تم استغلالها وإدارتها بالطريقة الصحيحة قد تنهض بالصناعة المصرية كلها بل وتنافس عالميا أيضا.
كما
تمتلك الشركات التابعة عددا من الأصول المملوكة لها بمليارات الجنيهات
وأراض ومنافذ بيع وغيرها تقع فى أماكن مميزة منتشرة فى جميع أنحاء
الجمهورية، بالإضافة إلى شركات سياحة وتأمين ومشروعات عقارية وأعمال تشييد
وبناء وأسطول من السيارات والنقل الداخلى والنقل البحرى وشركات للحاويات
ومكاتب داخل وخارج مصر، وغيرها متمثلة فى ٨ شركات قابضة تمتلك ١٢١ شركة
تابعة.
ولكن هذه القطاعات الغنية بالأصول والشركات التى أسست فى عصر الزعيم الراحل
جمال
عبدالناصر، والفقيرة بالإدارة أدت لتدهور هذه القطاعات.
ونستعرض بعض التحديات التى تسببت فى تدهورها وتراجعها ونزيف من الخسائر التى تهدد بغلق العديد منها والتى تتمثل فى:
التحدي الأول: قانون
٢٠٣ والذى وصفة بعض الخبراء الاقتصاديين أنه قانون معوق للتنمية، وطالب
البعض بتغييره وتعديله لكى يساعد الإدارات على اتخاذ قرارات سريعة ومدروسة
بعيدة عن البيروقراطية التى تسببت فى تعطيل العديد من الخطوات التى تساهم
فى التطوير واستغلال كل أصل من أصول الشركات فى التطوير.
التحدى الثاني: عدد
العمالة غير المنتجة والتى أصبحت التحدى الأكبر وتستنفد موارد وأرباح
الشركات التابعة كما أنها تحول الربحية إلى خسائر فى بعض الشركات بسبب
الرواتب والحوافز دون وجود إنتاج يوازى هذه الرواتب حيث إن عدد العمالة
يزيد على ٢٣٠ ألف عامل فى ١٢١ شركة تابعة لـ ٨ شركات قابضة.
وأيضا تهالك
المصانع والمعدات التى لم يطل التطوير أبوابها منذ أن أنشأت تقريبا، وقد
اكتشف بالصدفة إحدى الماكينات يرجع تاريخ صنعها لنهاية القرن الـ ١٩ والتى
وصفها وسخر من وجودها فى أحد المصانع الوزير السابق، وقال إنها تاريخية
ويجب أن توضع فى متحف، كما أن هذه المصانع لكى تنتج وتنافس تحتاج مليارات
الجنيهات لكى يتم تطويرها وتعمل بكامل طاقتها وتنافس الشركات المثيلة لها
من القطاع الخاص.
التحدى الثالث: أعمار القيادات التابعة للشركات التى تصل فى بعض الأحيان إلى السبعينيات.
ورغم
أن الوزير السابق قام بالإطاحة برموز كبيرة من رؤساء الشركات القابضة
وأعضاء مجالس إداراتها، التى انتهت مدة ولايتهم، بالإضافة إلى تقليص عدد
مجالس الإدارات إلى ٧ أعضاء فقط للشركات الخمس التى تم إعادة تشكيل مجلس
إدارتها وهى «القابضة للسياحة والفنادق، والقابضة للأدوية، والقابضة للغزل
والنسيج، والقابضة للتأمين، القابضة للصناعات المعدنية» والتى تم اختيار
معظمهم من القطاع الخاص وتتراوح أعمارهم بين الأربعينيات والخمسينيات، غير
أن الشريحة الكبرى من العاملين بقطاع الأعمال العام وجه اتهامات للوزير
السابق بأن الاختيارات الأخيرة لم تكن جيدة واعتمد فى بعض منها على
الأصدقاء والمقربين وهذه الاختيارات تسببت فى تخوف معظم العاملين فى
القطاعات بسبب قلة خبرة بعض الأسماء التى تم اختيارها، ونؤكد بعض وليس
الكل.
التحدى الرابع: ويتمثل
فى غلق بعض المصانع التى تحقق خسائر وتهالك معداتها وقربها من الكتلة
السكنية ودراسة نقل هذه المصانع فى أماكن بعيدة مثل مصنع «القومية للأسمنت»
والتى أعلن الوزير السابق أن هناك دراسة إنشاء مصنع جديد بنفس رخصة مصنع
القومية للأسمنت بمحافظة المنيا على إجمالى مساحة ١.٥ مليون متر مربع، وأن
هناك خطوات فعلية لإنشاء المصنع، كما تم أيضا غلق مصنع «الدلتا للأسمدة»
بمدينة المنصورة بسبب تسريب الأمونيا، حيث إن هذا التسريب لم يؤثر على
الكتلة السكنية المحيطة بالمصنع، ورغم ذلك تم إغلاق المصنع مما قد يتسبب فى
إهدار ٣ مليارات جنيه استثمارات فى المصنع.
التحدى الخامس:
فهو قرار فتح باب المعاش المبكر للعاملين بمصنع «القومية للأسمنت» والذى
واجهه العمال بالرفض، كما أيضا تصدى العمال لفكرة نقل المصنع من منطقة
حلوان لمحافظة المنيا، وهو ما لم يحسم بشكل قطاع حتى الآن.
التحدى السادس: يتمثل
فى العمل على تسوية المديونيات التاريخية التى تراكمت على شركات قطاع
الأعمال العام لتصل ما يقرب من ٢٤ مليار جنيه فقط لبنك الاستثمار القومي،
حسب تصريح خالد بدوى وزير قطاع الأعمال العام السابق، بالإضافة إلى
مديونيات أخرى للحكومة ممثلة فى وزارة الكهرباء والبترول وغيرها من
المديونيات التاريخية، وبالفعل بدأ فى تسوية أولى مديونيات الشركات، وتوقيع
مديونيات الغزل والنسيج لصالح بنك الاستثمار القومي، والتى كانت قد وصلت
إلى ١٠ مليارات جنيه، وبعد مفاوضات مع البنك تم تخفيض المديونية لتصل إلى
٨.٧ مليار جنيه، تسدد جزء منها على شكل أراضٍ غير مستغلة بقيمة ٦ مليارات
جنيه، وجزء آخر يسدد بشكل مادي، والمؤسف أن تسديد هذه المديونيات تسبب فى
فقدان ما يقرب من ٢٠٪ من إجمالى حجم أصول الشركات التابعة لغزل والنسيج،
بالإضافة إلى مديونية شركة النصر للملاحات التى تزيد على ٢.٥ مليار جنيه
ولم تصل لحل قاطع حتى الآن، وغيرها من المديونيات المتراكمة للحكومة.
التحدى السابع:
مستحقات الشركات التابعة لدى الحكومة، وتأثير تحرير سعر الصرف على بعض
الصناعات والتى تسببت فى خسائر ضخمة، ونذكر بعضها على سبيل المثال صناعة
الأدوية، وتقدر خسائر الشركة المصرية للأدوية فقط من تحرير سعر الصرف أكثر
من ٦٠٠ مليون جنيه، وقد شكلت لجنة للتعويضات تحت إشراف وزارة الاسكان
وتقدمت شركات الأدوية للحصول على فروق الأسعار، وحتى الآن لم تحصل على شىء،
كما تتخطى مديونيات وزارة
الصحة
لصالح القابضة للأدوية أكثر من مليار جنيه، بالإضافة إلى المطالبة بتحرير
سعر الدواء،لأن التكلفة أصبحت أكثر من سعر البيع للجمهور، والتى تسببت فى
أن ٣٣٠ صنفا دوائيا يحقق خسائر، مما قد يتسبب فى إفلاس بعض المصانع المنتجة
للدواء.
وفى
نفس السياق، تخطت الخسائر التى حققتها شركات المقاولات التابعة للشركة
القابضة للتشييد والبناء مليار جنيه نتيجة تحرير سعر الصرف، وتقدمت بها
أيضا للجنة التعويضات والحصول على فروق الأسعار بالإضافة أيضا إلى
مستحقاتها لدى الحكومة من
أعمال
مقاولات.
أما التحدى الثامن:
فهو برنامج الطروحات، للبدء فى تجهيز طرح عدد من الشركات التابعة لقطاع
الأعمال العام منها شركات جديدة وشركات أخرى مدرجة بالفعل بالبورصة، ليتم
طرح جزء جديد من الأسهم المملوكة للدولة، والتى تسير فى خطى سريعة وبالفعل
وافقت الشركات القابضة خلال جمعيتها العمومية العادية وغير العادية خلال
الأيام الماضية، على طرح الشركات التى تم الإعلان عنها من قبل رئاسة مجلس
الوزراء، والتى أعلن وزير قطاع الأعمال العام السابق عن طرح أولى الشركات
خلال الشهر الجاري، وهل هذه الشركات أصبحت جاهزة للطرح خلال أيام؟.
التحدي التاسع:
إنهاء القضايا والتحكيم الدولى على الشركات العائدة من الخصخصة بأحكام
قضائية، والتى تبلغ إجمالى عددها ٧ شركات من أصل ٢٥٠ شركة تم خصخصتها فى
الحكومات السابقة، والتى بها معوقات كثيرة واجهت كل من سبقوه، وتعرضت
الشركات لقضايا تحكيم دولي، منها شركة «عمر أفندي، وطنطا للكتان، وسيمو
للأدوية، والمراجل البخارية» وغيرها.
التحدى العاشر:
كيفية تطبيق القرارات الأخيرة التى اتخذها وزير قطاع الأعمال العام السابق
ومنها على سبيل المثال دمج الشركات المتشابهة فى كيان واحد ومنها الشركات
التى تعمل فى قطاع التشييد والبناء لتقليل عدد الشركات، وأيضا نقل جميع
الصناعات المغذية لصناعة السيارات تحت مظلة ادارة شركة قابضة واحدة،
وبالفعل تم تحديد الشركة القابضة للنقل البحرى والبري، وهل تتحمل القابضة
الخسائر والمديونيات لهذه الشركات وتستطيع تطويرها؟ بالإضافة إلى صعوبة نقل
هذه الأصول، ونقل العمالة من كيان لكيان آخر.
نقلا عن البوابة نيوز: ايمان عريف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق